حبالُ الأسمنتِ الواقفةُ
بينَ السماءِ والأرضِ
تعوقُ الرؤيةَ..
عملاقُ أوديسيوس
بعينٍ زجاجيةٍ وحيدةٍ لا أكثرَ
ترمقُنا بتَشَفٍ واضحٍ..
تتشابكُ خطوطُ الطولِ والعرضِ
وما بينهما فخٌ مثالىٌّ للسذّج..
نبضُ البشرِ المتسارعُ
يذيبُ الأسفلتَ
يلتهمُ الأخضرَ لا اليابسَ..
حبالُ الأسمنتِ لا تتركَ شيئَا للصدفةِ
من أُلفتِها المُصطنعةِ
تألفُها العينُ هلامًا
فتأسرُكَ الوحدةُ..
أقدامُ تذهبُ وتجىءُ
والوحدةُ فى وضعِ الاستعدادِ
والضربةُ القاضيةُ
لمْ تأتِ بعد.
حاوره أيمن بدر من القاهرة
بين شعار "اعرف عدوك" وبين فضول معرفة الآخر فرقٌ كبير، وبعيدٌا عن تهمة التطبيع الجاهزة لكل محاولة للترجمة عن العبرية كان لـ ( شريط ) هذا الحوار مع الكاتب والمترجم نائل الطوخي.

ما سبب اختيارك لتخصص العبرية تحديدا كدراسةٍ وترجمةٍ؟
اختياري لدراسة العبرية جاء بالصدفة، كنت أنوي التقدم لقسم اللغة الإنجليزية ولكن مجموع درجاتي لم يساعدني، فاخترت دراسة العبرية، كانت هي اللغة الوحيدة التي يسمح بها مجموع درجاتي في آداب جامعة عين شمس، بالإضافة إلى قسم الأمم الإسلامية ويضم لغات الفارسية والأردية والتركية وقسم حضارات أوروبية ويضم اللاتينية والإيطالية القديمة واليونانية القديمة. واخترت العبرية. كانت هي الأكثر إثارة للفضول. حيث رافق هذا السبب ولع بدراسة ماذا يقول العدو؟ كان هذا مجالا غامضا تماما أردت معرفته، بالإضافة للرغبة في التميز بالطبع. الجميع يعرفون الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، ولا أحد يعرف العبرية. هذه الأسباب الثلاثة "مجموع الدرجات- الفضول- الرغبة في التميز" هي ما دفعتنى لدراسة العبرية.
الترجمة جاءت بالصدفة في عام 1998، كنت في زيارة لجريدة أخبار الأدب -وكنت ما أزال أدرس بالصف الثالث- تعرفت على جمال الغيطاني ونصحني بأن أترجم للجريدة مختارات من الصحافة الثقافية في إسرائيل، ظل هذا الباب مفتوحا حتى عام 2002، عندما تعرفت على عزت القمحاوي الذي كان يدير باب شرق وغرب في الجريدة والذي كان أول من نشر لي ترجمات عن العبرية في الصحيفة.

ما هي المشكلات التقنية التى تواجها فى الترجمة من وإلى العبرية؟
المشكلات التقنية تتعلق بغياب المصادر، وبمشكلة حقوق الملكية الفكرية إذا تمت ترجمة كتب، أما الترجمات الصحفية أكثر سهولة بكثير. لدى ترجمة الكتب تظهر هاتان المشكلتان، يضاف إلى هذا قلة حماس الناشرين لنشر الأدب الإسرائيلي، هو ليس حماسا باردا كما يتعلق بالترجمة عن لغات شرقية أخرى مثل الأردية أو الفارسية، إنما حماس يرجع إلى الخوف من ردود الفعل والاتهام بالتطبيع. أعتقد أن ترجمة الأدب الإسرائيلي مربحة جدا، ولكن الخوف من الاتهام بالتطبيع هو ما يعطل الناشرين.
ما العمل الأدبي الذي تتمنى أن تجد الوقت والجهد لترجمته إلى العربية؟

العمل الذي أتمنى التفرع لترجمته هو مجموعة الأعمال الكاملة للكاتب المسرحي حانوخ لفين -كاتب مذهل- مستفز جدا لكل المسلمات الإسرائيلية، الجيش والتوراة والزعماء الإسرائيليين، وكوميدي. الكوميديا عنده تأخذ في التعقد حتى تصل إلى ذروتها في الفصول الأخيرة. كل من أعماله الاجتماعية أو السياسية يقدم متعة من نوع خاص، تمزج الفني النخبوي بالتجاري الصريح بالكوميدي بالمأساوي.
هل هناك جهود فردية أو مؤسسية أخرى تهتم بترجمة العبرية فى العالم العربي؟
هناك مكتبة "كل شيء" في حيفا التي يديرها صالح عباسي، وهو ناشر فلسطيني، وقامت على مشروع لترجمة الأدب الإسرائيلي للعربية، ترجموا روايات ليورام كانيوك ويهوشواع كناز وغيرهم، ولكنهم توقفوا بعد ست روايات فيما أعتقد لسبب ما، وهناك محاولات فردية أخرى، سواء لترجمة هذا الأدب أو للتعريف به، يقوم بها فلسطينيون في الغالب، أذكر الراحل محمد حمزة غنايم وحسن خضر وغيرهم. ولكن يبقى هذا الجهد قليلا جدا قياسا إلى أهميته وتعطش القراء له، بسبب المحظورات التي سبق الحديث عنها.

1/8/2010

ورطة الترجمة فى مؤتمر بالإسكندرية
نائل الطوخى

عقد في مكتبة أكمل بالإسكندرية مؤخرا مؤتمر لمناقشة قضايا الترجمة بعنوان  ( الترجمة ..إشكاليات وتجارب ) ،  المؤتمر استضاف المترجمين أحمد حسان،  خالد رؤوف،  عبد الرحيم يوسف،  أيمن بدر،  شوقي سالم وكاتب هذه السطور .
كلمة شوقي سالم بدأت المؤتمر وتحدث فيها عن تعريب المصطلحات العلمية،  وجاءت تقنية إلي حد بعيد،  حيث تحدث عن طبيعة المصطلحات وانقسامها إلي مصطلحات موضوعية مثل  " كيمياء،  طبيعة،  زراعة " ،  وجغرافية مثل  " سوريا  " ومصطلحات تعبر عن أسماء الأشخاص ومصطلحات تعبر عن أسماء المؤسسات والهيئات،  ومشاكل كل نوع من هذه المصطلحات،  وصعوبة الترجمة العلمية بشكل عام والتي تعتمد علي المصطلحات مقارنة بالترجمة الأدبية الأكثر سهولة،  وهو ما أثار اعتراض كثير من الحضور امتدت آثاره حتي النقاشات في اليوم التالي .
المترجم أحمد حسان مع الشاعر والمترجم عبد الرحيم يوسف
أضاف أن ما يتحكم في صعوبة الترجمات المصطلحات العلمية الجديدة هو عدم المعرفة الدقيقة بمحتواها،  وضرب مثلا بكلمة  " السي دي " ،  التي تمت ترجمتها إلي عدة مصطلحات في بداية ظهوره مثل  " قرص مدمج " ،  اسطوانة مضغوطة " قرص ليزر " أو  " مليزر ".
الشاعر عبد الرحيم يوسف تحدث عن مشاركته كمترجم في تجربة مجلة  " مينا " التي تصدر في الإسكندرية بالعربية والإنجليزية،  والتي صدرت بمبادرة من الشاعرة  " أندي يانج " ،  والتي تعمل مدرسة للكتابة الإبداعية في أكاديمية نيو أورليانز حيث خطرت لها فكرة إصدار مجلة تحمل اسم مينا الذي اقترحه الشاعر خالد حجازي .
قام يوسف في المجلة بترجمة عدد من النصوص إلي العامية المصرية،  وهو ما مثل صدمة بالنسبة للكثيرين،  وبرر هذا بالقول أن النص يحمل بداخله منطقه،  واستشهد بترجمة فؤاد حداد لمسرحية  " الغول " لبيتر فايس إلي العامية المصرية، كما ترجم عبد الرحيم ترجم نصوصا أخري إلي الفصحي مثلا،  وطرح قضية مشاركة عدد من المترجمين في تحرير النص المترجم،  كما حدث في ترجمة النصوص الإبداعية في مجلة مينا مثلا .
أما كاتب هذه السطور فلقد تحدث عن تجربته في العمل مترجما عن الأدب العبري بالمدونة التي أنشأها لهذا الغرض بعنوان "هكذا تحدث كوهين"،  وتحدث عن صعوبات ترجمة هذا الحقل المعرفي والتي تعود في أغلبها إلي الالتباس في تعريف مصطلح  "التطبيع" ،  مما يجعل ترجمة هذا الفرع خاضعة دائما إما لاتهامات مسبقة،  أو دفاع مسبق،  بدون قراءة المحتوي في الحالتين  غالبا .
المترجم أحمد حسان بدأ كلامه بالقول إنه سيعتمد علي ورقة أعدها مسبقا وهي مقدمة لترجمة كتاب  " لوحات باريسية " لبودلير،  أشار إلي أن الترجمة ورطة،  ولكنها في النهاية ورطة محببة،  وأن المترجم  _كما يقول عنه فالتر بنيامين_  هو شخص واقع علي حافة الغابة،  بينما الكاتب هو شخص مكانه بداخل الغابة. وتحدث عن الترجمة كفعل حب،  ولكن عنها أيضا كفعل كراهية،  فالترجمة بمنطق "اعرف عدوك " مثلا هي ترجمة بمنطق الكراهية،  وأشار إلي قول نيتشة بأن الترجمة هي فعل غزو للثقافة الأخري والسطو عليها،  فجوتة مثلا قام بالسطو علي صورة المشاعر الشرقية من أجل كتابة " ديوان شرق غرب ". وقال أن المترجم في النهاية هو شخص عميل للغته : " أنا أعمل لدي العربية،  يفترض بي،  بجانب نقل النص،  أن أقوم بتوسيع خيال العربية."
المترجم خالد رؤوف تحدث عن تاريخ ومحددات الترجمات بشكل عام والترجمة عن اليونانية التي يمتهنها بشكل خاص، مستشهدا ببعض التعريفات للترجمة مثل تعريف فورستر بأن  " الترجمة التي تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدة مثلما فعل الغرض الأصلي في اللغة التي كتب بها " ،  كما يصف أور عملية الترجمة بأنها مطابقة للرسم،  ف"الرسام لا يستخرج كل تفصيل في المنظر " ،  فهو ينتقي ما يبدو أفضل بالنسبة له،  كما يطالب معظم علماء الترجمة بالاهتمام بالمعني وليس بالمفردات اللغوية،  ذلك أنه إذا لم تقم الترجمة بالوظيفة الإيصالية،  أي إذا لم يكن لها معني لدي المتلقي،  فإنها في هذه الحالة لا تكون قد بررت وجودها ". اللافت أن رؤوف قد عرض هذه الآراء بوصفها قابلة للجدال وليس للانحياز لأحدها علي حساب آخر .
المترجم عن الفارسية أيمن بدر تحدث عن تجربته في المجلة الإلكترونية  " إيران خان " والتي تعرض لنماذج من الثقافة الإيرانية الحديثة،  وتحدث عن صعوبات ترجمة اللغات الشرقية بشكل عام ومنها قلة المصادر وقلة الدخل المادي للمترجمين،  كما أشار إلي بعض الشعراء الإيرانيين المعاصرين ومنها فروغ فرخزاد والتي صدمت المجتمع الإيراني لتحررها وثارت تكهنات بخصوص موتها شابة في حادث سيارة غامض،  كما تحدث عن أعلام الشعر الإيراني المعاصر وهو _  بجانب فرخزاد  _  نيما يوشيج،  وأحمد شاملو وسهراب سبهري . كما أشار إلي طبيعة الاتهامات التي توجه له حين يترجم عن الفارسية،  حيث يُتهم بأنه ينشر التشيع في العالم العربي! وتحدث عن الأديب صادق هدايت الذي كان عنصريا ضد العرب،  ولذا فجميع من يحاولون التدليل علي عنصرية الفرس لا يستشهدون إلا به ويغفلون جميع النماذج الأخري.



الجميع يتحدثون عن الشرق، ولا أحد يهتم به فعلياً، بما في ذلك الشرق نفسه. نظرة واحدة إلي قوائم الكتب المترجمة في مصر تثبت وجود هذه المشكلة: غالبية الكتب مترجمة عن لغات أوروبية، والكتب المترجمة عن اللغات الشرقية هي في الغالبية الساحقة أعمال كلاسيكية. كأن الشعوب الآسيوية لم تعد تكتب مثلا. المشاكل متعددة: قلة الكتب، قلة المترجمين، عدم حماس دور النشر، عدم اهتمام القراء. يبدو أننا _ في مصر التي نزهو بكونها مجتمعا شرقيا حين يتعلق الأمر بكبت الحريات _ نعامل الشرق باعتباره منطقة أدني. يبدو أننا مستشرقون.

هذه المشكلة تتخذ أبعادا أخري حينما يتعلق الأمر بأدبين شرقيين بالتحديد، العبري والتركي. العبري بسبب حساسية الوضع السياسي لإسرائيل، وارتباط هذه الترجمة بفكرة "اعرف عدوك". والتركي بسبب وجود مترجمين عرب عن التركية، وبسبب وجود أدباء تركيين معاصرين استطاعوا "الوصول للعالمية"، مثل باموق وأليف شفق وغيرهما، وبسبب النظر إلي تركيا بوصفها دولة "شبه أوروبية" أيضا. المشكلة الأساسية تتعلق بالأدب الفارسي والهندي والباكستاني.
اضطر المترجم أيمن بدر _ الذي تخرج في قسم اللغة العربية ودرس اللغة الفارسية في إطارها_ لإنشاء مدونة/ مجلة نصف شهرية بعنوان "إيران خان" عن الثقافة الفارسية. تعرّف المدونة نفسها باعتبارها "مجلة نصف شهرية تحتوي علي ترجمات حصرية للأدب الإيراني ومقالات للتعريف بالثقافة الفارسية في شتي صورها: الفن والموسيقي والسينما". نشر فيها الشاعر قصائد للشاعرة فروغ فرخزاد، وسيمين بهبهاني، وغيرهما، قام بترجمتهما عن الفارسية، كما نشر دراسة عن "صورة المرأة في النثر الفارسي المعاصر" كتبتها مهشيد أمير شاهي، وقامت بترجمتها عن الإنجليزية أميرة طلعت.
 > > >
من جانبه يحدد بدر أزمة الترجمة عن الفارسية في الآتي: "قلة المصادر هي المشكلة الأكبر، أمهات الكتب فقط هي الموجودة، المثنوي لجلال الدين الرومي وكتب حافظ الشيرازي فقط، ولكن إذا أردت البحث عن ديوان لفروغ فروخزاد مثلا فلن تجده إلا في أقسام اللغات الشرقية بالجامعة. أنا بوصفي غير أكاديمي لن يمكنني الحصول عليه، يضاف إلي هذا سوء العلاقات السياسية بين مصر وإيران، مما ينتج عنه عدم وجود سفارة إيرانية في مصر، وهو يتسبب في عدم تطور العلاقات الثقافية بين البلدين، اللتين يفترض أنهما قريبان من بعضهما البعض أصلا".
بعد تجاوز مشكلة المصادر، يتحدث بدر عن الترجمة في حد ذاتها. المركز القومي للترجمة ترجم حوالي عشرين كتابا عن الفارسية، وأغلبها كتب من الأدب الكلاسيكي، وإن كان هذا لا ينفي وجود الأدب المعاصر، تمت ترجمة جلال آل أحمد وإسماعيل فصيح وبرزك علوي، ولكن الأغلبية للكلاسيكيات. يشير بدر إلي مجموعة من العرب أصدروا مجلة باسم "شيراز" تم تخصيصها لترجمة الأدب الفارسي إلي العربية. المجموعة تكونت من محمد الأمين وعمار كاظم وهما عراقيان وسمير أرشيدي وهو كويتي. الطريف، والمثير للتساؤل في نفس الوقت، أن المجلة لم تكن تصدر في أية دولة عربية، وإنما في إيران نفسها.
قد يكون هذا بسبب عدم إقبال المترجمين علي الأدب، بالمقارنة بالكتب السياسية، بسبب احتياج ترجمة الأدب إلي مهارات من نوع خاص. كما يضيف بدر مشكلة أخري: "فأغلب المترجمين هم أساتذة جامعة، ليس هناك فكرة المترجم غير الأكاديمي، ربما يكون ذلك بسبب خوف خريجي أقسام اللغات الشرقية من العمل بالترجمة، لطبيعتها كنشاط غير مربح."
أحمد القاضي، أستاذ اللغة الأردية بكلية اللغات والترجمة، ومترجم كتاب "العلاقات العربية الهندية" بالمركز القومي للترجمة. أشار إلي أزمة عدم وجود مترجمين أكفاء في اللغات الشرقية بشكل عام، وإلي حداثة تخصص المعرفة بلغات شبه القارة الهندية في مصر والعالم العربي عموماً، وأضاف أن هناك مشكلة أساسية أيضا وهي عدم حماس دور النشر للترجمة عن اللغات الشرقية، فالترويج لهذا المجال يكاد يكون معدوما في مقابل اللغات الأوروبية، وهذا لأن الشعوب الشرقية بطبيعة الحال، يضيف القاضي، تميل للغرب.
وبسبب عدم "ربحية" هذا المجال، فنشر القصص، كما يضيف هو أسهل وأقل تكلفة، لأن المجموعة القصصية في الغالب يكون حجمها صغيرا. في المركز القومي للترجمة مثلا تمت ترجمة أكثر من عشر مجموعات قصصية عن الأردية في مقابل رواية واحدة للأديب بريم تشان بعنوان "القربان."
وهناك آلية الاختيار أيضاً: ليس هناك لجنة في المجلس الأعلي للثقافة لاختيار الأعمال المترجمة من المتخصصين، برغم من وجود أربعة أساتذة كبار في هذا المجال، وأتموا دراساتهم في الهند وباكستان، علي أي أساس إذن تتم الاختيارات؟ يضيف القاضي أن اختيارات الترجمة تخضع للأهواء.
المترجم عن الأردية، هاني السعيد، فشل في ترجمة مختارات من الشعر الأردي في الصحف، فلجأ إلي شبكة الإنترنت. نشر في موقع "دروب" وموقع "شبكة واتا للمترجمين العرب"، كما قام بترجمة رباعيات صلاح جاهين إلي الأردية، وبالإضافة لهذا، قام بترجمة كتب "من الباطن"، كأن ينشر أستاذ كبير ترجمة لكتاب عن الأردية ويستعين به مقابل مبلغ مالي، مع عدم وضع اسمه علي الغلاف!!
مشكلة المصادر أساسية أيضا بالنسبة لهاني، وهي مصادر نادرة إذا تمت مقارنتها بمصادر الترجمات عن الإنجليزية أو الأوروبية. كما أن ندرة المترجمين المحترفين _ غير الأكاديميين _ هي مشكلة أخري، يلاحظ هاني مثلا أن إصدارات المركز القومي للترجمة عن الأدب الأردي أغلبها كان فصولا وملحقات لرسائل ماجستير ودكتوراه أعدها باحثون شباب، وعندما تم افتتاح المشروع القومي للترجمة وأصبحت هناك إمكانية لنشرها قاموا بنشرها في كتب. مما يعني أنها ترجمة أكاديمية ويفسر الطابع المدرسي الجاف لأغلب الترجمات عن اللغة الأردية. هذا يتعلق أيضا بآلية اختيار النصوص في المركز القومي للترجمة، يضيف هاني أنه ليست هناك معايير واضحة لرفض الترجمة أو القبول بها.
وتتعلق بالترجمة مشكلة الاسم، فالمترجم عن الإنجليزية يترجم في أحيان كثيرة لاسم معروف، وقد يكون حائزا علي جائزة كبيرة مثل نوبل أو البوكر أو غيرها، أما فيما يتعلق بالأدب الهندي فيضطر المترجم لتعريف القراّء بالكاتب من البداية: "الناس هنا مثلا لا يعرفون نون ميم راشد، وهو من أهم شعراء الحداثة بعد محمد إقبال، ولا يعرفون ميراجي أو فيظ. وبالتالي تزداد المهمة صعوبة".
المترجم السوري ثائر ديب والذي عمل علي ترجمة إدوارد سعيد وهومي بابا للعربية، أي أن جزءا من اهتماماته الأساسية في الترجمة هي ما بعد الاستعمار، ومع هذا فهو يترجم عن الإنجليزية. يقول بأن "الأعمدة الأساسية لهذا الفرع مثل سعيد وبابا وجايتريا سبيفاك وأغلب مفكري دراسات التابع، هم كتاب من مناطق مختلفة بالعالم، عربا وهنودا، ولكنهم يكتبون بالإنجليزية، لأن تكوينهم الدراسي فرض هذا عليهم، ولكن الآن ثمة وعي متزايد بضرورة أن يكتب المفكرين دراساتهم ما بعد الاستعمارية بلغاتهم الأصلية، حتي ولو تم تكوينهم بالإنجليزية."
> > >
يضيف ديب أن ميزان الترجمة في العالم العربي مختل كثيرا لصالح اللغات الأوروبية وخاصة الإنجليزية والفرنسية، وهذا بسبب تاريخ طويل من الاستعمار القديم والجديد، وهو ما يولد نوعا من المركزية في الترجمة وبنفس الوقت فهو يبعدنا كثيرا عن الترجمة لشعوب أخري، ولكن اللافت الآن، كما يضيف، أن ثمة وعياً متجدداً بهذا الأمر ووعي المشكلة هو بداية حلها، حيث بدأ يبرز مترجمون عن لغات لم يسبق ان ترجمت أعمالها الفكرية والأدبية للعربية." يدلل ديب علي هذا بأنه في المركز القومي بالقاهرة تمت الترجمة عن حوالي خمس وثلاثين لغة منها ما لم يسبق ترجمة أعمالها للعربية، في سوريا تم افتتاح أقسام جديدة لدراسة الآداب اليابانية والصينية، صحيح أنها لم تسفر عن ترجمات حتي الآن بسبب حداثة التخصص ولكن ستسفر عنها قريبا، والترجمات من الفارسية هي أمر شائع في سوريا بسبب تاريخ طويل من العلاقات بينها وبين إيران، كما مرت فترة كانت الترجمة عن الروسية ذات وزن. الآن قل هذا الأمر بعد انهيار الإتحاد السوفييتي."

نائل الطوخىأخبار الأدب العدد 8724-4-2010

بقلم/ أزهر مهدى
مترجم عراقى
ماجستير فى الأدب الفارسى
http://azhermahdi.elaphblog.com/posts.aspx?U=916&A=29356


بعيدا عن الاعيب السياسة وابعد كثيرا عن ثقافة الكراهية التي استشرت بين العديد من مثقفينا يعيش المدون والمثقف المصري (ايمن بدر ) حالة قد تبدو استثنائية فقد تخرج من قسم اللغة العربية لكنه درس الفارسية كلغة ثانية في الكلية ويبدو ان هذه الفسحة اللغوية الصغيرة في دراسة الفارسية قد فتحت عالما واسعا من الثقافة والادب بوجه هذا المدون الشاب فتوسع في دراسة الادب الفارسي رغم الانعزال الفكري بين البلدين الذين يشوب التوتر والقطيعة علاقاتهما الرسمية وحتى غير الرسمية لكن يبدو ان للكلمة والفكر تأثيرا يتجاوز الحدود ويعبر القارات فشرع المدون بعد ان تمكن من اللغة الفارسية في ترجمة مقاطع ونصوص من الادب الفارسي الجميل الذي نفتقر حضوره اللطيف وقد عرف المدون عن اعماله في مدونته بالقول
(مجلة نصف شهرية تهتم بترجمة الأدب الفارسى وتقديمه للقارىء العربى مع التعريف بالثقافة الفارسية وتهتم أيضا بتقديم نماذج من الفن التشكيلى الإيرانى والموسيقى وبعض مقاطع من السينما الإيرانية)
وفي آخر أعماله نشر ترجمة شعرية للشاعرة الايرانية ( مانا آقائي )
موتى ترجمها عن الفارسية: أيمن بدر
حين أموت سيأتى شخص بدلا منى
شخص يشبهنى فى شبابى
سيفكر بأفكارى
سيمشى بحذائى فى الطريق
فى نفس الغرفة وعلى نفس الكرسى
سيظل منتظرا
حين أموت سأستلقى أيضا
فى قبر بارد لامرأة أخرى
وشخص مجهول من المدينة يشبهنى
وجارية بدوية تائهة بدون بطاقة هوية
من عاصمة عالم ما
ما الفرق ؟
حين أموت
ستظل السماء تمطر رصاصا على أفريقيا
والنجوم ستدمع فى سماء العراق
وسيظل الأولاد يولدوا فى بيت لحم بدون رأس
لا أحد سيبكى عند موتى
والصحف لن تنشر صورا
لشاهد قبرى الخالى
-----------------------------------
المقطع الاخير يبين تفاعل المثقف والاديب الايراني مع قضايا انسانية عربية ويكشف ايضا نظرة مغايرة لروح التعصب التي يحاول المتطرفون نشرها وبالتأكيد صورة مغايرة للمجتمع الفكري الايراني لنكتشف اننا لا نعرف عنهم شيئا يذكر وقد تكون محاولة المدون مهمة جدا لسد النقص في التعرف على حضارة لا نزال نجهل عنها الكثير.
لقد قام المدون بتأسيس مجلة افتراضية لنطل من خلالها على المجتمع الايراني الغامض والساحر ورابطها :
المدون عضو في مجموعة دليل المدونين العرب على الفيس بوك