Movie review score
5



السىء فى الأمر..الوحدة/ أيمن بدر

صدر حديثا كتاب (السىء فى الأمر) للكاتب: ممدوح رزق عن دار اكتب. وقد صنفه الكاتب على أنه نصوص حيث ترك الحرية للمتلقى فى تحديد ماهية هذه النصوص أو تشكيلها حسب تلقيه وفهمه لها.

نلاحظ من قرائتنا الأولى للكتاب عنوانه المختزل (السىء فى الأمر) حيث يمثل هذا العنوان مدخلا موجزا لعوالم الكاتب ولما يمكن أن نقرأه داخل الكتاب، حيث تسيطر على الكاتب فى الكتاب مشاعر كثيرة سلبية تتدرج من سىء لأسوأ منها: الألم- الموت- الانتظار- الوداع – الوحدة. وفيما يلى سنتطرق إلى دراسة ملمح الوحدة فى نصوص الكتاب، وقد تفرع هذا الملمح إلى أربعة محاور وهى:

1- القطيعة مع العالم:

وهذه القطيعة هى السبب الرئيسى للوحدة التى يعانى منها الكاتب/البطل فتؤرقه هذه الوحدة وتملك عليه نفسه، وقد نتجت هذه القطيعة مع العالم من عبثية الحياة ولا منطقيتها حيث ان الحياة بالنسبة له سلسة من الأحداث تتكاتف كلها من أجل إفساد اللحظات السعيدة للكاتب/البطل، وتظهرمظاهر هذه القطيعة فى خمسة نصوص تشكل متوالية قصصية متسقة فى أحداثها ويمثل كل نص فيها جزءا يتعاون مع باقى الأجزاء فى ترتيب معين لرسم صورة متكاملة ومفصلة لمشاعر سلبية كثيرة تشغل بال الكاتب وتمنعه من النوم ليلاً مثل: الخيانة- الندم- الكذب- الألم، وكلها منغصات نفسية تنغص عليه نومه وتفزعه بالإضافة للمنغصات الجسدية "انسداد فى الأمعاء وجراحة عاجلة"[1] .

2- الوحدة/الانتظار:

وبعد أن يكتشف الكاتب/البطل عبثية الحياة ورفضها له يتحول به الأمر إلى المعاناة والوحدة "الولد الذى ظل يشرب وحيدًا فى غرفته"[2]، "لأنك ظللت مجرد يتيم صغير لم يوقظه أحد فجلس متعبًا فى منتصف الطريق ولم يلتفت إليه العابرون"[3] و "تجلسين وحيدة فى الشرفة"[4] و "كل صباح تخرج وحيدة من بيتها"[5] وهذه الوحدة تؤدى به إلى انتظار مجىء الرفيق أوالصديق الذى يخفف عنه آلامه ويخرجه من تلك الوحدة القاتلة "لا يتحدث مع أحد/ لا يوجد أصلا أحد"[6] و "يتجول مبتسمًا داخل حجرته وينتظر"[7].

3- محاولة البحث عن رفيق والاستئناس به:

وبعد أن يصطدم الكاتب/البطل بالواقع الأليم الذى يصر على تركه وحيدًا فى العالم، يراوده الأمل مرة أخرى كمحاولة للتخلص من هذه الوحدة عن طريق البحث عن رفيق يؤنسه ويسرى عنه ويشاركه آلامه.

ويبدأ الكاتب/البطل محاولته بتناسى هذه الوحدة كأنها غير موجودة "سيحاول أن ينسى الأوقات الكثيرة التى ظل يبكى وحيدًا خلالها"[8]، ثم يحاول أن يلقى باللوم على والديه والعامل الوراثى فهم سبب هذه الوحدة "قسوة طباعه وراثة غير عادلة من والديه"[9]. وبعد أن ينجح الكاتب فى نسيان هذه الوحدة يبدأ بالبحث عن الرفيق فى صورة أو ذكرى قديمة أو تذكار "الرجل الأسود العجوز حينما يموت سيكون وحيدًا فى منزله وحول فراشه صور كثيرة لطفل صغير يعرف اسمه تمامًا"[10] أو تذكار من صديق "إذا فتحت شرفتك فى الصباح/ووجدت فوق حافتها ريشة طائر/أرجوك لا تلق بها بعيدًا...سيمكنك أن تخرج ريشته/تتأملها طويلا/وتكتشف أنك لم تكن وحيدًا إلى هذه الدرجة"[11]. وبعد ذلك يبحث فى الذاكرة عن صديق قديم "ظل يبحث عن أى شخص يشترك معه فى كتابة دعاء غير تقليدى يضمن به السلام"[12]، ثم يبحث عن أى شخص يبدد هذه الوحدة سواء كان رجلاً أو التماهى مع امرأة وحيدة "مر وقت طويل/لازلت جالسًا فى انتظارك/لماذا تأخرت"[13] "لماذا خرجت مسرعة من البيت فى هذه الساعة المتأخرة من الليل لتذهب إلى الصيدلية المجاورة وتطلب من الطبيب أن يقيس لها ضغط الدم"[14].

وبعد فشل هذه المحاولات المضنية يحاول الكاتب/البطل أن يتخذ من الحيوان رفيقًا يسرى عنه بعد فشل محاولة تواصله مع البشر "قرر أن يأخذ قطة ضالة إلى بيته ويعزف لها نفس الموسيقى"[15]، ولكنه رأى القطة وحيدة هى الأخرى ولكنها تتكيف مع وحدتها حيث فشل هو فى التكيف معها "انتهت لتوها من تناول الطعام/وشربت الماء/وتبرزت/وتبولت/وتلفتت حولها/ثم تثاءبت/وصعدت إلى الأريكة ونامت"[16]، وبعد فشل هذه المحاولات قرر الكاتب أن يتخذ من نفسه رفيقًا وصديقًا يحدثه بما يشغله ويؤرقه وحين يريد الرحيل يطلب منه البقاء قليلاً "لا تغضب منى إذا اكتشفت ذات يوم أننى كنت كاذبًا أنا فقط أريدك أن تظل معى"[17].

4- الفشل فى التواصل مع العالم/الموت:

بعد أن ذاق الكاتب/البطل طعم الفشل والإخفاق فى كل محاولاته للعثور على من يبدد ظلام وحدته ومحاولته الخروج إلى العالم والتعامل معه والتكيف مع متغيراته التى تتسم بالعشوائية والفوضوية "ويبكى ثم يغرق وحيدًا فى الليل والمطر"[18] يكتشف أنه يدور فى حلقة مفرغة وسيصل فى النهاية إلى الوحدة التى ستقتله، فيفضل الموت على أن يعانى من الوحدة مرة أخرى "إن الموت أفضل كثيرًا من الشعور بالوحدة حتى بين الناس"[19].

[1] من نص "الأمر لا يحتاج لشراء برواز أنيق".

[2] من نص "أوتوستوب".

[3] من نص "صلاة الجنازة".

[4] من نص "صامتة كنت أناديها ماما".

[5] من نص "تكره الانتظار بجوار النافذة".

[6] من نص "الخالص".

[7] النص السابق.

[8] من نص "حائط غرفته ظل خاليًا من أى بورتريه.

[9] من نص "رجل".

[10] من نص "الأوقات الى لم يكن يغنى.

[11] من نص "تذكار".

[12] الورقة الرابحة التى لم تسقط سهوًا على الأقل".

[13] من نص "هى".

[14] من نص "الذى يستحق".

[15] من نص "تشيكوف".

[16] من نص "لوحة التصويب".

[17] من نص "موسيقى حزينة فى الغرفة المجاورة".

[18] من نص "ميراث الوداع".

[19] من نص الكمال الذى ينقصنى".

One Response so far.

  1. ايون كده الخط بقى تمام
    بس بعد مانا قريت الموضوع فى مكان تانى

    انا مقرتش الكتاب الى الان
    بس بجد عاجبنى حاجه انك لما قريت كل نص
    قدرت توصل وتجمع خيوط عشان توصل كل حالات النصوص بعضها
    وكان نقد شامل للحالة البطل
    اوالابطال اللى فى كل نص
    لاء دماغ ياايمن