فى يوم من الأيام.. والشمس تلقى بردائها اللامع على جسد قريتنا النائية الساكنة بعيدا فى قلب الوادى، ونحن نسبح فى بركة من العرق.. كنا خارجين من المدرسة نسير مع أستاذنا فى اللغة العربية فى الطريق المؤدى إلى وسط قريتنا حيث الدفء والأمان بعيدا عن المنطقة المخيفة التى تحيط بمدرستنا وبها جبانة القرية، وفجأة سمعنا صرخات عالية آتية من ناحية بيت العمدة الرابض فوق أعلى التل الكبير.. صرخات متتالية ثم تبعها سكون تام، فسألنا أستاذنا: ما هذا الصراخ يا أستاذ؟!
أجاب الأستاذ: الظاهر ان احدهم قد مات.
سمعنا هذا الرد ودارت فى مخيلتنا فكرة مخيفة، أن يكون الميت هو ابن العمدة "شديد"، وهو زميلنا فى المدرسة، يأتى كل يوم إلى المدرسة راكبا "الكرتة" الخاصة بأبيه متباهيا بنفسه وينظر إلينا كأننا عبيد لديه. وكان "شديد" عظيم الخلقة، ضخم الجثة، شفتاه متنافرتان كقطبى المغناطيس لا يلتقيان أبدا.. شعره غزير مجعد كشوك القنفذ.. نسمع الصرخات مرة أخرى ونتيقن حينها أن ابن العمدة قد مات بلا رجعة.
تغرب الشمس وقد عدنا إلى منازلنا بعد أن ودعنا أستاذنا إلى منزله المكون من طابق واحد من الطوب النىء، وبالرغم من ذلك لم يكن الأستاذ يشكو من الزمان ولا يسب الدهر وكان يقول لنا حديث الرسول (ص): "لا تسبوا الدهر...."، وكان هذا سببا فى حبنا واحترامنا له.
وجاء موعد الكتّاب.. أحاول أن أتمارض كى لا أذهب ولكن والدى يصر على ذهابى حتى ولو على "نقالة"، وأذهب مضطرا أنا وزملائى إلى شيخ المسجد الوحيد فى قريتنا ويدعى الشيخ "عليش" ، وكان أكثر ما يخيفنا فيه لحيته التى طالت وطالت حتى تصل إلى بطنه المدوّرة فتحسبها قد نبتت من بطنه.. وصوته الجهورىّ الذى سبّب أضرارا كبيرة لمجسد القرية تحتاج للإصلاح.
نجلس أمامه ونسمّع ما قد حفظناه جيدا.. وحين نشرع فى التسميع ينظر إلينا بعينيه المتقدتين كأنهما جمرتين فنشعر بأن الكلام قد تبخّر وأننا لم نحفظ شيئا، وتكون النتيجة أقدام متورمة وشكوى مرسلة إلى أولياء أمورنا.
وفجأة ونحن جلوس عند الشيخ "عليش" نسمع هرج ومرج فى ساحة المسجد فنخرج مسرعين يتبعنا الشيخ إلى الساحة.. فنرى "الغفر" يمسكون بتلابيب أستاذنا ويسوقوه إلى المسجد ويتبعهم العمدة وابنه "شديد" راكبين الكرتة.
وأصابنا الوجوم وحلّ علينا حزنان: حزن لرؤية أستاذنا يسوقه الغفر كالبهائم بلا رحمة، وحزن آخر لرؤية "شديد" على قيد الحياة. ثم نادى العمدة لشيخ المسجد وكلمّه على انفراد بصوت هامس لم نسمع منه إلا كلمة واحدة لم نفهم معناها "إشاعة"، ثم التفت العمدة إلى أستاذنا قائلا: أنت من اطلقت إشاعة أن ابنى مات!
فرد أستاذنا نافيا التهمة عن نفسه: إنه كان مجرد سؤال. فأصر العمدة على ان الأستاذ هو من اطلق الإشاعة ولكن الأستاذ أشار إلينا يستشهدنا، فنظر إلينا العمدة نظرة مخيفة خلعت قلوبنا من صدورنا فلم نستطع الكلام.
مش حال قريتكم بس ده حال مصر ... إشاعه تروح و تيجي ... و حتة بقره تحكم ف النص بالباطل ...
كمل على بركة الله
طب ليه طيب متكلمتوش...اد اي اتغاظت منكم
ب سقصة معبرة جدا وبتدل علي التجبر والجبروت في ايدي اصحاب السلطة والحكم وبتبن انصياع رجال الدين لهم وبتبين الخوف والرعب الي ملا المحكومين والبشر وخلاهم حتي يخافوا يدافعوا عن احب الناس اليهم وفى النهاية شخص يتظلم في وسط السكوت
احييك علي قصتك الرائعة انا قريت كل بوستاتك انت بجد مدونة رائعة وزياراتي بجد هتكون دائمة ومش متكررة بس انا هتابع الجديد ديما انشاء الله
على فكرة دى أول قصة أكتبها
بس كده هاخد مقلب فى نفسى
شكرا على الزيارة